الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أسد الغابة في معرفة الصحابة **
علي، أبو علي الهلالي. روى سفيان بن عيينة، عن علي بن علي الهلالي عن أبيه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في شكاته التي قبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت حتى ارتفع صوتها: فرقع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إليها فقال: "حبيبتي فاطمة! ما يبكيك?" قالت أخشى الضيعة بعدك. قال: "يا حبيبتي أما علمت أن الله اطلع على أهل الأرض اطلاعة، فاختار منها أباك، ثم اطلع إليها اطلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إليّ أن أنكحك إياه". أخرجه أبو نعيم وأبو موسى. علي بن هبار. في إسناده نظر. روى هشيم، عن أبي معشر، عن يحيى بن عبد الملك بن علي بن هبار بن الأسود عن أبيه، عن جده قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على دار "علي بن هبار" فسمع صوت دف، فقال: ما هذا? فقالوا: علي بن هبار تزوج فقال: هذا النكاح لا السفاح. أخرجه أبو منده وأبو نعيم، وقال أبو نعيم: هذا وهم، وليس لذكر علي- يعني ابن هبار- في هذا الحديث أصل. وقال: رواه محمد بن سلمة الحراني ومحمد بن عبيد الله العرزمي، عن عبد الله بن أبي عبد الله بن هبار بن الأسود، عن أبيه عن جده هبار، مثله. ولم يذكرا علياً. عمار بن حميد، أبو زهير القفي، والد أبي بكر بن أبي زهير. ورد كذلك في إسناده، وقيل: اسمه معاذ، أورده الحاكم أبو أحمد النيسابوري. كذلك أخرجه أبو موسى. عمار بن سعد القرظ المؤذن، له رؤية. روى عنه أبو أمامة بن سهل ومحمد، وحفص وسعد بنوه. روى عبد الرحمن بن سعد، عن عمر بن حفص بن عمار بن سعد، عن أبيه، عن جده عمار بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق دار هشام- يعني إلى العيدين-. قاله ابن منده. وقال أبو نعيم: ليس لعمار صحبة ولا رواية إلا عن أبيه سعد. حدث به غير واحد، عن ابن كاسب مجوداً. ورواه عن عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم، عن سعد القرظ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في المطر. عمار بن عبيد الخثعمي- ويقال: عمارة، بزيادة هاء. يعد في الشاميين. روى عنه داود بن أبي هند أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "في هذه الأمة خمس فتن". وهذا رواه حبان بن هلال، عن سليمان بن كثير، عن داود. وهو وهم، والصواب ما رواه حماد بن سلمة وحجاج بن منهال، عن داود، عن عمار، رجل من أهل الشام عن شيخ من خثعم. أخرجه ابن منده وأبو نعيم. عمار بن غيلان بن سلمة الثقفي. أسلم هو وأخوه عامر قيل أبيهما ومات عامر في طاعون عمواس. أخرجه أبو عمر وقال: لا أدري متى مات عمار?. عمار بن كعب وهو ابن أبي اليسر الأنصاري. ذكر في الصحابة، ولا يصح. روى عنه ابنه عمارة. أخرجه ابن منده وأبو نعيم. عمار بن معاذ بن زرارة عمار بن معاذ الظفري بن عمرو بن غنم بن عدي بن الحارث بن مرة بن ظفر، الأنصاري الأوسي ثم الظفري أبو نملة. شهد بدراً. كذا نسبه ابن أبي داود، وخالفه غيره، هو مشهور بكنيته، وسيذكر في الكنى إن شاء الله تعالى.. وحديثه: "ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم". وقيل: اسمه عمارة، بزيادة هاء، ونذكره هناك، إن شاء الله تعالى. أخرجه الثلاثة. عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن الوذيم بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر الأكبر بن يام بن عنس بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب المذحجي ثم العنسي، أبو اليقظان. وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام، وهو حليف بني مخزوم. وأمه سمية، وهي أول من استشهد في سبيل الله، عز وجل، وهو وأبوه وأمه من السابقين. وكان إسلام عمار بعد بضعة وثلاثين. وهو ممن عذب في الله. وقال الواقدي وغيره من أهل العلم بالنسب والخبر: إن ياسراً والد عمار عرني قحطاني مذحجي من عنس، إلا أن ابنه عماراً مولى لبني مخزوم، لأن أباه ياسراً تزوج أمة لبعض بني مخزوم، فولدت له عماراً. وكان سبب قدوم ياسر مكة أنه قدم هو وأخوان له، يقال لهما:: "الحارث" "مالك"، في طلب أخ لهما رابع، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن، وأقام ياسر بمكة، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وتزوج أمة له يقال لها: "سمية"، فولدت له عماراً، فأعتقه أبو حذيفة، فمن هاهنا صار عمار مولى لبني مخزوم، وأبوه عرني كما ذكرنا. وأسلم عمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم هو وصهيب بن سنان في وقت واحد: قال عمار: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقلت: أردت أن أدخل على محمد وأسمع كلامه. فقال: وأنا أريد ذلك. فدخلنا عليه، فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا. وكان إسلامهم بعد بضعة وثلاثين رجلاً. وروى يحيى بن معين، عن إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن بيان، عن وبرة عن همام قال: سمعت عماراً يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما مه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر. وقال مجاهد: أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله، وأبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وأمه سمية. واختلف في هجرته إلى الحبشة. وعذب في الله عذاباً شديداً. أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي بإسناده إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن متويه في قوله عز وجل: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان" نزلت في عمار بن ياسر، أخذه المشركون فعذبوه فلم يتركوه، حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه. فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك? قال: شر يا رسول الله! ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير! قال: كيف تجد قلبك? قال: مطمئناً بالإيمان. قال: فإن عادوا لك فعد لهم. أخبرنا أبو جعفر عبيد الله بن أحمد بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني رجال من آل عمار بن ياسر: أن سمية أم عمار عذبها هذا الحي من بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم على الإسلام، وهي تأبى غيره، حتى قتلوها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعمار وأمه وأبيه وهم يعذبون بالأبطح في رمضاء مكة، فيقول "صبراً آل ياسر، موعدكم الجنة". قال: وحدثنا يونس، عن عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمار بن ياسر وهو يبكي، يدلك عينيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لك أخذك الكفار فغطوك في الماء"، فقلت كذا وكذا، فإن عادوا لك فقل كما قلت. قال: وحدثنا يونس، عن ابن إسحاق قال: حدثني حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس: أكان المشركون يبلغون من المسلمين في العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم فقال? نعم، والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر على أن يستوي جالساً، من شدة الضر الذي به حتى إنه ليعطيهم ما سألوه من الفتنة، وحتى يقولوا له: اللات والعزى إلهك من دون الله? فيقول: نعم. وحتى إن الجمل ليمر بهم، فيقولون له: هذا الجمل إلهك من دون الله فيقول: نعم. اقتداء لما يبلغون من جهده. وهاجر إلى المدينة، وشهد بدراً، وأحداً والخندق، وبيعة الرضوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، في تسمية من شهد بدراً من بني مخزوم، قال: "..وعمار بن ياسر". وكلهم قالوا: إنه شهد بدراً، وأحداً، وغيرهما. أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الدمشقي بها، أنبأنا أبو العشائر محمد بن خليل بن فارس، أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي، حدثنا إبراهيم بن أبي سفيان القيسراني، حدثنا محمد بن يوسف الفرياني، حدثنا الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد". أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا العوام- يعني ابن حوشب- عن سلمة بن كهيل، عن علقمة عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمار كلام، فأغلظت له في القول، فانطلق عمار يشكوني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء خالد وهو يشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فجعل يغلظ له، ولا يزيده إلا غلظة، والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم، فبكى عمار وقال: يا رسول الله، ألا تراه! فرفع رأسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "من عادى عماراً عاداه الله، ومن أبغض عماراً أبغضه الله". قال خالد: فخرجت فما كان شيء أحب إليّ من رضا عمار، فلقيته فرضي. وأنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا وكيع حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ، عن علي قال: جاء عمار يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ائذنوا له، مرحباً بالطيب المطيب". أنبأنا إبراهيم بن محمد وغير واحد بإسنادهم عن أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا القاسم بن دينار الكوفي، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عبد العزيز بن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن يسار، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما". قال: وحدثنا الترمذي، حدثنا أبو مصعب المديني، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبشر يا عمار، تقتلك الفئة الباغية". وقد روي نحو هذا عن أم سلمة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وحذيفة. وروى شعبة أن رجلاً قال لعمار: أيها العبد الأجدع! قال عمار: سيب خبر أذني- قال شعبة: وكانت أصيبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا وهم من شعبة، والصواب أنها أصيبت يوم اليمامة. ومن مناقبه أنه أول من بنى مسجداً في الإسلام. أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي بإسناده إلى يونس بن بكير عن عبد الرحمن بن عبد الله عن الحكم بن عتيبة قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أول ما قدمها ضحّى، فقال عمار: ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم بد أن نجعل له مكاناً إذا استظل من قائلته ليستظل فيه، ويصلي فيه: فجمع حجارة، فبنى مسجد قباء، فهو أول مسجد بني وعمار بناه. أنبأنا إسماعيل بن علي وغيره بإسنادهم عن محمد بن عيسى: أنبأنا عمرو بن علي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن ع، عن أبيه، عن عمار بن ياسر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم، للوجه والكفين.زرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى وشهد عمار قتال مسيلمة، فروى نافع، عن ابن عمر قال: رأيت عمار بن ياسر يوم اليمامة على صخرة، قد أشرف يصيح: يا معشر المسلمين، أمن الجنة تفرون، إليّ إليّ، أنا عمار بن ياسر، هلموا إليّ- قال: وأنا أنظر إلى أذنه قد قطعت، فهي تذبذب وهو يقاتل أشد القتال. ومناقب عمار المروية كثيرة اقتصرنا منها على هذا القدر. واستعمله عمر بن الخطاب على الكوفة، وكتب إلى أهلها: "أما بعد، فإني قد بعثت إليكم عماراً أميراً، وعبد الله بن مسعود وزيراً ومعلماً، وهما من نجباء أصحاب محمد، فاقتدوا بهما". ولما عزله عمر قال له: أساءك العزل? قال: والله لقد ساءتني الولاية، وساءني العزل. ثم إنه بعد ذلك صحب علياً رضي الله عنهما، وشهد معه الجمل وصفين، فأبلى فيهما ما قال أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا صفين مع علي، فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية ولا واد من أودية صفين غلا رأيت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبعونه، كأنه علم لهم، قال: وسمعته يومئذ يقول لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص: يا هاشم، تفر من الجنة?! الجنة تحت البارقة، اليوم ألقى الأحبة، محمداً وحزبه، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أنا على حق، وأنهم على الباطل. وقال أبو البختري: قال عمار بن ياسر يوم صفين: ائتوني بشربة. فأتي بشربة لبن، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن"، وشربها ثم قاتل حتى قتل. وكان عمره يومئذ أربعاً وتسعين سنة، وقيل: ثلاث وتسعون، وقيل: إحدى وتسعون. وروى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً. وشهد صفين ولم يقاتل، وقال: لا اقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية". فلما قتل عمار قال خزيمة "ظهرت لي الضلالة". ثم تقدم فقاتل حتى قتل. وكان عمره يومئذ أربعاً وتسعين، وقيل: إحدى وتسعون. وروى عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً. وشهد صفين ولم يقاتل، وقال: لا اقاتل حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية" فلما قتل عمار قال خزيمة "ظهرت لي الضلالة". ثم تقدم فقاتل حتى قتل. ولما قتل عمار قال: "ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم". عمارة بن أبي حسن الأنصاري المازني. له صحبة، عداده في أهل المدينة. وقال أبو أحمد في تاريخه: له صحبة، عقبى بدري. قاله ابن منده. وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين- يعني ابن منده- وفيه نظر. وقال أبو عمر: عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري، جد عمرو بن يحيى المازني شيخ مالك. له صحبة ورواية، وأبوه "أبو حسن" كان عقبياً بدرياً. عمارة بن حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وابن سيد الشهداء. أمه خولة بنت قيس بن فهد بن مالك بن النجار، وبه كان حمزة يكنى. وقيل: إن حمزة رضي الله عنه كان يكنى بابنه يعلى. ولا عقب لحمزة، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعمارة ويعلى ابني حمزة أعوام. أخرجه أبو عمر كذا، وقال: لا أحفظ لواحد منهما رواية. عمارة بن راشد بن مسلم. أورده جعفر وقال: "ذكره يحيى بن يونس. وأخرج له حديثاً. وقال: إنه يروي عن أبي هريرة. روى عنه أهل الشام ومصر وهو من التابعين، لا تثبت له صحبة. أخرجه أبو موسى. عمارة بن رويبة الثقفي، من بني جشم بن ثقيف. كوفي. روى عنه ابنه أبو بكر، وأبو إسحاق السبيعي، وغيرهما. أنبأنا إبراهيم بن محمد وغيره بإسنادهم عن أبي عيسى قال: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا هشيم، حدثنا حصين قال: سمعت عمارة بن رويبة- وبشر بن مروان يخطب- فرفع يديه في الدعاء، فقال عمارة: قبح الله هاتين اليديتين القصيرتين! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، وما يزيد على أن يقول هكذا- أشار هشيم بالسبابة. أخرجه الثلاثة. عمارة بن زعكرة الكندي يعد في الشاميين، يكنى أبا عدي. روى عنه عبد الرحمن بن عائذ اليحصبي. أنبأنا أبو إسحاق بن محمد بإسناده عن محمد بن عيسى. حدثنا أبو الوليد الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني عفير بن معدان، أنه سمع أبا دوس اليحصبي يحدث عن ابن عائذ اليحصبي، عن عمارة بن زعكرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل يقول: إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه". أخرجه الثلاثة. عمارة بن زياد بن السكن بن رافع الأنصاري الأشهلي. تقدم نسبه عند ذكر أبيه استشهد يوم أحد. أنبأنا أبو جعفر بن السمين بإسناده عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال: فحدثني الحصين بن عبد الرحمن، عن محمود بن عمرو بن يزيد بن السكن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد، حين غشيه القوم. من رجل يشري لنا نفسه? فقام زياد بن السكن في خمسة نفر من الأنصار- وبعض الناس يقول. إنما هو عمار بن زياد بن السكن- فقاتلوا دون رسول الله رجلاً رجلاً يقتلون دونه، حتى كان آخرهم زياداً- أو عمارة بن زياد، فقاتل حتى أثبتته الجراحة. ثم فاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدنوه مني. فأدنوه منه. فوسده قدمه، فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يذكروه فيمن شهد بدراً، وقال هشام بن الكلبي: إن عمارة بن زياد بن السكن قتل يوم بدر، وإن أباه زياد بن السكن قتل يوم أحد. والله أعلم. أخرجه الثلاثة. عمارة بن سعد أو: سعد بن عمارة- أبو سعيد الزرقي. ذكره الثلاثة في سعد بن عمارة هكذا على الشك، ولم يخرجوه هاهنا، ولا استدركه أبو موسى على ابن منده، وقد ذكرناه في السين. عمارة بن شبيب السبئي: ذكر في الصحابة، وقيل: عمار. روى عنه أبو عبد الرحمن الحبلي وهو من أصل مصر. أخبرنا غير واحد بإسنادهم إلى أبي عيسى السلمي قال: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن الجلاح أبي كثير، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عمارة بن شبيب السبئي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير"، عشر مرات، على إثر المغرب، بعث الله له مسلحة يحفظونه من الشيطان حتى يصبح، وكتب له بها عشر حسنات موجبات، ومحا عنه عشر سيئات موبقات، وكانت له بعدل عشر رقاب مؤمنات. قال الترمذي: لا نعرف لعمارة بن شبيب سماعاً من النبي صلى الله عليه وسلم. السبئي: بالسين المهملة والباء الموحدة، نسبة إلى سبأ. عمارة بن عامر بن المشنج بن الأعور بن قشير القشيري ذكر الغلابي، عن رجل من بني عامر من أهل الشام قال: صحبه- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- من بني قشير جد بهز بن حكيم، وعمارة بن عامر بن المشنج. مشنج: بضم الميم، وفتح الشين المعجمة، وتشديد النون. قاله أبو نصر بن ماكولا. عمارة بن عبيد- وقيل: ابن عبيد الله- الخثعمي. وقيل: عمار بن عبيد الحنفي، وقد تقدم في عمار. وعمارة- بإثبات الهاء- أصح. روى عنه داود بن أبي هند أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر خمس فتن، أعلم أن أربعاً قد مضت، والخامسة فيكم يا أهل الشام، وذلك عند هزيمة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. أخرجه الثلاثة، وقال أبو عمر: يقال إن بين داود وبينه رجلاً من الشام. عمارة بن عقبة بن حارثة، من بني غفار بن مليل الكناني ثم الغفاري. استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر. أنبأنا عبيد الله بن أحمد بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق في تسمية من استشهد يوم خيبر قال: .. ومن بني غفار: عمارة بن عقبة بن حارثة، رمي بسهم فمات منه. أخرجه الثلاثة. عمارة بن عقبة بن أبي معيط- واسم أبي معيط: أبان- بن أبي عمرو- ذكوان- بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي. أخو الوليد بن عقبة. روى عنه ابنه مدرك أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه، قال: فقبض يده- قال: فقال بعض القوم: إنما يمنعه هذا الخلوق الذي في يدك- قال: فذهب فغسله، ثم جاء فبايعه وكان عمارة وأخواه: الوليد وخالد من مسلمة الفتح. أخرجه الثلاثة، إلا أن أبا عمر لم يورد له حديثاً. عمارة بن عمير الأنصاري. روى عنه أبو يزيد المدني. مختلف فيه، ويذكر في عمرو بن عمير، ويذكر الاختلاف فيه، إن شاء الله تعالى. أخرجه أبو عمر. عمارة بن غراب. أورده جعفر وقال: ذكره يحيى بن يونس وأخرج له حديثاً، وقال: هو رجل من حمير، قال: وهو من التابعين. أخرجه أبو موسى. عمارة بن مخلد بن الحارث- وقيل: عامر بن خالد. استشهد يوم أحد، قاله موسى بن عقبة عن ابن شهاب، وهو من الأنصار. أخرجه أبو نعيم وأبو موسى. عمارة بن معاذ بن زرارة الأنصاري، أبو نملة. قيل: هو اسمه، له صحبة، قاله أبو حاتم البستي. وقال ابن أبي خيثمة: اسمه عمار، وقد ذكرناه. أخرجه أبو موسى. عمارة أبو مدرك بن عمارة. لم يرو عنه غير ابنه مدرك، حديثه في الخلوق: أنه لم يبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غسل يديه منه. يعد في أهل البصرة. أخرجه أبو عمر. قلت: وهم أبو عمر فيه، فإن مدركاً هو ابن عمارة بن عقبة بن أبي معيط، وقد أخرجه أبو عمر أيضاً في ترجمة عمارة بن عقبة؛ إلا أنه لم يرو عنه هناك حديثاً، ولا ذكر ابنه مدركاً حتى يعلم: هل هو هذا أو غيره? وهما واحد، والحديث الذي اخرج له ابن منده وأبو نعيم في ترجمة عمارة بن عقبة يدل على أنه هذا، والله أعلم.
عمر الأسلمي، وقيل: الجهني. غير منسوب، ذكره الحضرمي في الوحدان. روى محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن عمه القاسم، عن وكيع، عن عمه المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن يزيد بن نعيم، عن رجل من جهينة- يقال له: عمر- أسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه يقول: من عرف ابنه في الجاهلية، ففيه رقبة يفكه بها. ورواه سفيان بن وكيع، عن أبيه بإسناده، وقال: إن عمر الأسلمي اتبع رجلاً من أسلم يقال له: عبيد بن عويم، فوقع على وليدته زنا، فحملت فولدت غلاماً يقال له: حمام، وذلك في الجاهلية، وأن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، وكلمه في ابنه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: تسلم ابنك ما استطعت. فأخذ ابنه، وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، وأعطى مولاه غلاماً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل وجد ابنه فإن فكاكه رقبة يفكه بها". أخرجه أبو نعيم وأبو موسى. عمر الجمعي. أورده كذا ابن منده وأبو نعيم وقالا: هو وهم، وصوابه: عمرو بن الحمق. روى بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن عمر الجمعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله". قال: وكيف يستعمله? قال: يوفقه لعمل صالح قبل موته". أخرجه ابن منده وأبو نعيم. وقد استدركه أبو علي الغساني على أبي عمر، فقال: عمر الجمعي. ورواه عن مالك بن سليمان الألهاني، عن بقية، عن ابن ثوبان، يرده إلى مكحول، يرده إلى جبير بن نفير، يرده إلى عمر الجمعي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته". وقد أورده ابن أبي عاصم هكذا أيضاً. وكذلك هو في مسند أحمد بن حنبل أخبرنا به أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده عن عبد الله بن أحمد: حدثني أبي، حدثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه قالا: حدثنا بقية بن الوليد، حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير: أن عمر الجمعي حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته. فسأله رجل من القوم: ما استعماله? قال: "يهديه الله إلى العمل الصالح قبل موته، ثم يقبضه على ذلك". والوهم فيه من بقية. عمر بن الحكم السلمي. روى مالك بن أنس، عن هلال بن أسامة، عن عطاء بن يسار، عن عمر بن الحكم السلمي قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إن جارية لي ترعى غنماً لي، فجئتها ففقدت شاة من الغنم، فسألتها عنها، فقالت- قتلها الذئب- فأسفت عليها، وكنت من بني آدم، فلطمت وجهها، وعلي رقبة أفأعتقها? فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أين الله" ? قالت: في السماء. قال: "من أنا"? فقالت: أنت رسول الله. فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة". وذكر قصة الكهان والطيرة. قيل: إن عمر توفي سنة سبع وخمسين. أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وقال ابن مده: وهذا مما وهم فيه مالك، والصواب: "معاوية بن الحكم"، هكذا قاله ابن المديني والبخاري وغيرهما. عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، أبو حفص. وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وقيل: حنتمة بنت هشام بن المغيرة، فعلى هذا تكون أخت أبي جهل، وعلى الأول تكون ابنة عمه- قال أبو عمر: ومن قال ذلك- يعني بنت هشام- فقد أخطأ، ولو كانت كذلك لكانت أخت أبي جهل والحارث ابني هشام، وليس كذلك وإنما هي ابنة عمهما، لأن هشاماً وهاشماً ابني المغيرة أخوان، فهاشم والد حنتمة، وهشام والد الحارث، وأبي جهل، وكان يقال لهاشم جد عمر: ذو الرمحين. وقال ابن منده: أم عمر أخت أبي جهل. وقال أبو نعيم: هي بنت هشام أخت أبي جهل، وأبو جهل خاله. ورواه عن ابن إسحاق. وقال الزبير: حنتمة بنت هاشم فهي ابنة عم أبي جهل- كما قال أبو عمر- وكان لهاشم أولاد فلم يعقبوا. يجتمع عمر وسعيد بن زيد رضي الله عنهما في نفيل. ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة. روي عن عمر أنه قال: ولدت بعد الفجار الأعظم بأربع سنين. وكان من أشرف قريش وإليه كانت السفارة في الجاهلية، وذلك أن قريشاً كانوا إذا وقع بينهم حرب أو بينهم وبين غيرهم، بعثوه سفيراً، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر، رضوا به، بعثوه منافراً و مفاخراً. لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، كان عمر شديداً عليه وعلى المسلمين. ثم أسلم بعد رجال سبقوه، قال هلال بن يساف: أسلم عمر بعد أربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة. وقيل: أسلم بعد تسعة وثلاثين رجلاً وعشرين امرأة، فكمل الرجال به أربعين رجلاً. أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة التكريتي بإسناده إلى أبي الحسن علي بن أحمد بن متويه قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهاني، أنبأنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ، حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم، حدثنا صفوان بن المغلس، حدثنا إسحاق بن بشر. حدثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشم الرماني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة وثلاثون رجلاً وامرأة. ثم إن عمر أسلم فصاروا أربعين، فنزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى: وقال عبد الله بن ثعلبة بن صعير: أسلم عمر بعد خمسة وأربعين رجلاً وإحدى عشرة امرأة. وقال سعيد بن المسيب: أسلم عمر بعد أربعين رجلاً وعشر نسوة، فما هو إلا أن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة. وقال الزبير: أسلم عمر بعد أن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وبعد أربعين أو نيف وأربعين بين رجال ونساء. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام- يعني أبا جهل". أنبأنا أبو ياسر بن أبي حبة بإسناده إلى عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا شريح بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب: خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل أن أسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن، قال: فقلت: هذا والله شاعر كما قالت قريش. قال: فقرأ أنبأنا العدل أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري التغلبي الدمشقي، أنبأنا الشريف النقيب أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني، وأبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد قراءة عليهما وأنا أسمع، قالا: أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، أنبأنا محمد بن عوف، أنبأنا سفيان الطائي قال: قرأت على إسحاق بن إبراهيم الحنفي قال: ذكره أسامة بن زيد، عن أبيه، عن جده أسلم قال: قال لنا عمر بن الخطاب: أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي? قلنا: نعم. قال: كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا يوماً في يوم حار شديد الحر بالهاجرة، في بعض طرق مكة، إذ لقيني رجل من قريش فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب? أنت تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك?! قال: قلت: وماذا ذاك? قال: أختك قد صبأت. قال: فرجعت مغضباً، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة، فيكونان معه، ويصيبان من طعامه. وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين، قال: فجئت حتى قرعت الباب، فقيل: من هذا? قلت: ابن الخطاب- قال: وكان القوم جلوساً يقرؤون القرآن في صحيفة معهم- فلما سمعوا صوتي تبادروا واختفوا، وتركوا- أو: نسوا الصحيفة من أيديهم. قال: فقامت المرأة ففتحت لي، فقلت: يا عدوة نفسها، قد بلغني أنك صبوت! قال: فأرفع شيئاً في يدي فأضربها به، قال: فسال الدم. قال: فلما رأت المرأة الدم بكت، ثم قالت: يا ابن الخطاب، ما كنت فاعلاً فافعل، فقد أسلمت. قال: فدخلت وأنا مغضب فجلست على السرير، فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت، فقلت: ما هذا الكتاب? أعطينيه. فقالت: لا أعطيك، لست من أهله، أنت لا تغتسل من الجنابة، ولا تطهر، وهذا لا يمسه إلا المطهرون! قال: فلم أزل بها حتى أعطتنيه، فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم" فلما مررت ب "الرحمن الرحيم"، ذعرت ورميت بالصحيفة من يدي- قال: ثم رجعت إليّ نفسي، فإذا فيها: أنبأنا أبو جعفر بن أحمد بن علي بإسناده عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: ثم إن قريشاً بعثت عمر بن الخطاب، وهو يومئذ مشرك، في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله في دار في أصل الصفا، فلقيه النحام- وهو نعيم بن عبد الله بن أسيد، وهو أخو بني عدي بن كعب، قد أسلم قبل ذلك، وعمر متقلد سيفه- فقال: يا عمر، أين تريد? فقال: أعند إلى محمد الذي سفه أحلام قريش، وشتم آلهتهم، وخالف جماعتهم. فقال النحام: والله لبئس الممشى يا عمر! ولقد فرطت وأردت هلكة عدي بن كعب! أو تراك تفلت من بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمداً? فتحاوروا حتى ارتفعت أصواتهما، فقال له عمر: إني لأظنك قد صبوت، ولو أعلم ذلك لبدأت بك! فلما رأى النحام أنه غير منته قال: فإني أخبرك أن أهلك وأهل ختنك قد أسلموا، واركوك وما أنت عليه من ضلالتك. فلما سمع عمر تلك يقولها قال: وأيهم? قال: ختنك وابن عمك وأختك. فانطلق عمر حتى أتى أخته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتته طائفة من أصحابه من ذوي الحاجة، نظر إلى أولي السعة، فيقول: عندك فلان. فوافق ذلك ابن عم عمر وختنة- زوج أخته- سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرت، وقد أنزل الله تعالى: وذكر نحو ما تقدم، وفيه زيادة ونقصان. قال ابن إسحاق: فقال عمر عند ذلك- يعني إسلامه: والله لنحن بالإسلام أحق أن نبادي منا بالكفر، فليظهرن بمكة دين الله، فإن أراد قومنا بغياً علينا ناجزناهم، وإن قومنا أنصفونا قبلنا منهم. فخرج عمر وأصحابه فجلسوا في المسجد، فلما رأت قريش إسلام عمر سقط في أيديهم. قال ابن إسحاق: حدثني نافع، عن ابن عمر قال: لما أسلم عمر بن الخطاب قال: أي أهل مكة أنقل للحديث? فقالوا: جميل بن معمر. فخرج عمر وخرجت وراء أبي، وأنا غليم أعقل كل ما رأيت، حتى أتاه فقال: يا جميل هل علمت أني أسلمت? فوالله ما راجعه الكلام حتى قام يجر رداءه، وخرج عمر يتبعه، وأنا مع أبي، حتى إذا قام على باب مسجد الكعبة، صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش، إن عمر قد صبأ. فقال عمر: كذبت! ولكني أسلمت. فثاوروه، فقاتلوه وقاتلهم حتى قامت الشمس على رؤوسهم، فطلح وعرشوا على رأسه قياماً وهو يقول: "اصنعوا ما بدا لكم، فأقسم بالله لو كنا ثلاثمائة رجل تركتموها لنا، أو تركناها لكم". وذكر ابن إسحاق أن الذي أجار عمر هو العاص بن وائل أبو عمر بن العاص السهمي وإنما قال عمر إنه خاله لأن حنتمة أم عمر هي بنت هاشم بن المغيرة، وأمها الشفاء بنت عبد قيس بن عدي بن سعد بن سهم السهمية، فلهذا جعله خاله، وأهل الأم كلهم أخوال، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "هذا خالي" لأنه زهري، وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم زهرية. وكذلك القول في خاله الآخر الذي أغلق الباب في وجهه أنه أبو جهل، فعلى قول من يجعل أم عمر أخت أبي جهل، فهو خال حقيقة، وعلى قول من يجعلها ابنة عم أبي جهل، يكون مثل هذا. وكان إسلام عمر في السنة السادسة، قاله محمد بن سعد. أخبرنا غير واحد إجازة قالوا: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا أبو عمر بن حيوية، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا أبو علي بن القهم أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، حدثنا أبو حرزة يعقوب بن مجاهد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي عمرو ذكوان قال: قلت لعائشة: من سمى عمر الفاروق? قالت: النبي صلى الله عليه وسلم. حزرة: بفتح الحاء المهملة، وتسكين الزاي، وبعدها راء، ثم هاء. قال وأنبأنا محمد بن سعد أنبأنا أحمد بن محمد الأزرقي المكي، حدثنا عبد الرحمن بن حسن، عن أيوب بن موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وهو الفاروق: فرق الله به بين الحق والباطل". وقال ابن شهاب: بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر: الفاروق. أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري الدمشقي، أنبأنا الشريف أبو طالب علي بن حيدرة بن جعفر العلوي الحسيني، وأبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي قالا: أنبأنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنبأنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، حدثنا أبو عبيدة السري بن يحيى بن أخي هناد بن السري بالكوفة، حدثنا شعيث بن إبراهيم، حدثنا سيف بن عمر، عن وائل بن داود، عن يزيد البهي قال: قال الزبير بن العوام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب". أنبأنا أحمد بن عثمان بن أبي علي، أنبأنا أبو رشيد عبد الكريم بن أحمد بن منصور بن محمد بن سعيد، أنبأنا أبو مسعود سليمان بن إبراهيم بن محمد بن سليمان، حدثنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا جعفر بن عون ويعلى بن عبيد والفضل بن دكين قالوا: حدثنا مسعر، عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله بن مسعود: كان إسلام عمر فتحاً. وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة. ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا. قال: وحدثنا ابن مردويه، حدثنا أحمد بن كامل، حدثنا الحسن بن علي المعمري، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا جرير، عن عمر بن سعيد، عن مسروق، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة قال: لما أسلم عمر كان الإسلام كالرجل المقبل، لا يزداد إلا قرباً. فلما قتل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر، لا يزداد إلا بعداً.
|